القمة العربية في بغداد | 34
في لفنة سياسة بارز على عودة العراق إلى مكانته الإقليمية، انطلقت اليوم في العاصمة بغداد أعمال القمة العربية العادية الرابعة والثلاثين، بالتزامن مع القمة التنموية الخامسة، بحضور قادة وزعماء عرب، إلى جانب شخصيات أممية ودولية بارزة.
القمة، التي تُعقد في القصر الحكومي وسط إجراءات أمنية وتنظيمية مشددة، تحمل رسائل سياسية واقتصادية مهمة، وتؤكد بحسب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن “بغداد آمنة ومرحبة بالجميع”، مشيراً إلى أن مجرد عقد القمة على أرض العراق يعد “انتصاراً للعراق والعراقيين”، ورسالة واضحة للعالم بأن العراق بات بيئة آمنة للاستضافة والتفاعل الإقليمي والدولي.
حضور رفيع المستوى وجدول أعمال حافل
شهدت الجلسة الافتتاحية تسليم رئاسة القمة من البحرين إلى العراق، تلاها كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ثم كلمات الضيوف البارزين من ممثلي الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي.
وتنوعت الملفات المطروحة على طاولة القمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي أكد الوزير حسين أنها “تأتي في صدارة الأولويات”، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتدهور الأوضاع الإنسانية هناك. كما شملت المناقشات ملفات النزاعات الإقليمية في اليمن والسودان والصومال وليبيا، إلى جانب دعم الاستقرار في سوريا، ومتابعة المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن، وتأثيراتها على أمن المنطقة.
الشق الاقتصادي والتنمية المشتركة
وفي إطار القمة التنموية الخامسة، تمحورت الجلسة الثانية حول آفاق تعزيز التعاون الاقتصادي العربي، حيث طُرحت مبادرات لتفعيل مشاريع الاستثمار المشترك، ومواجهة التحديات الاقتصادية الدولية، لا سيما في ظل الأزمات العالمية المتتالية التي أثرت على اقتصادات المنطقة.
وقد أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في رسالة خطية وزعت على الحضور، أن القمة تمثل “منصة لتعضيد التضامن وطرح القضايا وتوحيد الصف وتقوية الموقف العربي”، مشدداً على أهمية التكامل الاقتصادي وتفعيل الشراكات الاستراتيجية بين الدول العربية.
“إعلان بغداد” ومخرجات القمة العربية
تختتم أعمال القمتين بجلسة علنية ثالثة يصدر خلالها “إعلان بغداد”، الذي سيتضمن المواقف المشتركة حيال أبرز القضايا، والتوصيات الخاصة بدعم التنمية العربية الشاملة. كما سيتم الإعلان عن الدولة المستضيفة للقمة العربية الخامسة والثلاثين، يعقبها مؤتمر صحفي مشترك لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، والأمين العام للجامعة العربية.
أجواء احتفالية وتغطية إعلامية شاملة
رافق القمة حضور إعلامي كثيف، حيث منحت الحكومة العراقية تراخيص لأكثر من 300 صحفي محلي و250 إعلامياً من خارج العراق، بالإضافة إلى حضور ممثلين عن 20 منظمة واتحاداً تابعين لجامعة الدول العربية. كما نُظّمت فعاليات ثقافية وفنية احتفالية على هامش القمة، تعكس التراث العراقي وتبرز روح الضيافة التي تميز بغداد.
دلالات سياسية وطموحات مستقبلية
تعكس هذه القمة، بأبعادها السياسية والاقتصادية، تحوّلاً جوهرياً في موقع العراق ضمن النظام الإقليمي العربي. فهي ليست فقط اجتماعاً دورياً للقادة، بل فرصة لإعادة التموضع العراقي كلاعب محوري، وجسر للتواصل بين المكونات الإقليمية والدولية، في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة.
ويبقى التحدي الحقيقي لما بعد القمة، هو في ترجمة البيانات الختامية إلى خطوات عملية على الأرض، تسهم في حلحلة الأزمات المزمنة، وتدفع نحو استقرار مستدام وتنمية شاملة تعود بالنفع على الشعوب العربية.